الإرهاب الأوروبى الأمريكى حول العالم



بقلم: ناصر السلاموني
بعدما رأيت ترامب وهو يتكلم في صلف وحوله وجوه متجهمة يعلن نجاح الهجوم الأمريكى السافر على المفاعلات النووية الإيرانية والانحياز التام لإسرائيل أقولها بصراحة لم يكن الاحتلال الأوروبي والأمريكي في العالم، وخاصة في الدول العربية، إلا سلسلة متصلة من الجرائم البشعة التي ارتُكبت و تحمل في طياتها السيف والنار، وسفك دماء الأبرياء و انتهكت الحرمات والمقدسات، واستباحت الإنسان والأرض والعِرض. من المحيط إلى الخليج، ومن مصر إلى الجزائر، ومن ليبيا إلى الشام، لا تكاد تخلو بقعة من وطننا من جرح أحدثه المحتل، أو دمٍ سال ظلمًا، أو حضارة طُمست عمدًا.ونرى الآن نماذج من أفعال المتحضرين كما يزعمون 

أولًا: فرنسا... حين جاء الاستعمار على ظهر جحيم في مصر، دخلت فرنسا عام 1798 بتحالف خائن من يعقوب حنا، أحد المسيحيين المصريين، فدخل الجنود الفرنسيون المساجد بخيولهم، وارتكبوا فظائع يندى لها الجبين، من اغتصاب النساء إلى شرب الخمر داخل بيوت الله، وتحويل بعضها إلى إسطبلات.

وفي ثورة القاهرة الأولى، وقعت مجزرة الجامع الأزهر (أكتوبر 1798)، حيث اقتحمت قوات نابليون الأزهر الشريف، قتلت المئات، دنست المصاحف، وسفكت الدماء بين أروقته. يقول الجبرتي: "دنس الكفار الجامع الأزهر وقتلوا من فيه بغير رحمة".

كما قصفت فرنسا أحياء بولاق والحسينية وباب الشعرية، وأعدمت قادة الثورة أمثال الشيخ السادات والشيخ الشرقاوي.

وفي الشام، ارتكب نابليون مجزرة يافا عام 1799، بإعدام أربعة آلاف أسير مسلم بعد وعدهم بالأمان، وترك جثثهم تتعفن في الشوارع. كما دمر القرى المحيطة بعكا بعد فشله في اقتحامها.

وفي الجزائر، امتد الاحتلال الفرنسي 132 عامًا (1830-1962)، بدأت بجرائم إبادة جماعية؛ ففي أول سبع سنوات فقط، قُتل مليون مسلم، وفي آخر سبع سنوات قبل الاستقلال، قُتل مليون ونصف. وقدّر المؤرخ الفرنسي جاك جوركي إجمالي الضحايا بعشرة ملايين جزائري.

مجزرة الأغواط (1852) كانت نموذجًا لهذه الوحشية، إذ أُبيد ثلثا السكان في ليلة واحدة حرقًا بالنار. ومذبحة الزعاطشة (1849) شهدت تدمير الواحة وقتل سكانها بالكامل.

بين عامي 1960–1966، أجرت فرنسا 17 تجربة نووية في الصحراء الجزائرية، أسفرت عن عشرات الآلاف من الضحايا، ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم.

عند انسحابها من الجزائر عام 1962، زرعت فرنسا 11 مليون لغم في الأرض، أي أكثر من عدد سكان الجزائر وقتها.

في تشاد (1917)، جمعت فرنسا 400 عالم مسلم، وقطعت رؤوسهم بالسواطير ووضعتها في صناديق، فقط لأنهم كانوا رموزًا للعلم والمقاومة.

في تونس، قُمعت انتفاضة علي بن غذاهم (1864)، وسقط آلاف الضحايا. ومع فرض معاهدة باردو (1881)، بدأ الاحتلال الكامل، وصودرت الأراضي الزراعية، وقُمعت كل مقاومة.

وفي المغرب، جاءت مذبحة الدار البيضاء (1907)، حين قُتل نحو 5,000 مدني بالقصف البحري. وتبعتها مجازر في جبال الأطلس وسيدي بوعثمان، وحملات تهجير قاسية.

ثانيًا: إيطاليا في ليبيا

ارتكبت إيطاليا مذبحة قصر بن غشير (1913)، ومذبحة قرة بوللي، وأنشأت معسكرات الاعتقال كالعقيلة والبريقة، التي مات فيها آلاف الليبيين من الجوع والمرض. وفي 1931، أعدمت عمر المختار، رمز المقاومة، بعد محاكمة شكلية.

ثالثًا: بريطانيا... الاستعمار الناعم بوجه حديدي

في مصر، قمعت الثورة العرابية عام 1882، واحتلت القاهرة، ونفت أحمد عرابي إلى سيلان. وفي حادثة دنشواي (1906)، أُعدم أربعة فلاحين شنقًا، وضُرب آخرون بالسياط.

خلال ثورة 1919، أُطلقت النار على المتظاهرين، ونُفي سعد زغلول إلى سيشيل، وسقط آلاف الشهداء.

وفي 25 يناير 1952، قُتل 56 شرطيًا مصريًا في مجزرة الإسماعيلية بعد رفضهم تسليم سلاحهم. أعقب ذلك قصف لأحياء بالقاهرة.

في فلسطين، قمعت بريطانيا الثورة الكبرى (1936-1939)، وقتلت أكثر من 5,000 فلسطيني، وفرضت العقوبات الجماعية، وأنشأت معسكرات اعتقال، وأعدمت المقاومين.

أما في العراق، فقد قصفت القرى بالطائرات أثناء ثورة العشرين (1920)، وأعدمت الثوار علنًا، ودمرت الريف العراقي، ونفت قادة العشائر إلى جزر نائية.

رابعًا: الولايات المتحدة... قصف بلا محاسبة

منذ الحرب العالمية الثانية، قصفت أمريكا أكثر من 30 دولة، منها: اليابان (1945)، كوريا والصين (1950-1953)، غواتيمالا، إندونيسيا، كوبا، الكونغو، لاوس، فيتنام، كمبوديا، لبنان، ليبيا، السلفادور، نيكاراغوا، إيران، بنما، العراق، الكويت، الصومال، البوسنة، السودان، أفغانستان، يوغوسلافيا، اليمن، باكستان، سوريا.

ومع كل هذا، هل سمعنا استنكارًا حقيقيًا؟ هل فرض الغرب يومًا عقوبات على نفسه أو على أمريكا؟

هذا العالم المنافق يجلس صامتًا أمام جرائم الولايات المتحدة وإسرائيل، وكأن الدم العربي أرخص من غيره.

الاحتلال لم يكن فقط جنديًا يحمل سلاحًا، بل طائرة تقصف، وشركة تنهب، وإعلام يزيف، ومنظمة دولية تتواطأ.

سواء أكان الاحتلال فرنسيًا، إيطاليًا، بريطانيًا، أو أمريكيًا، فالنتيجة واحدة: أمة تئن، وتاريخ يُنسى عمدًا.

وما لم تنهض هذه الأمة بوعيها، وتسترد زمام المبادرة، فسيظل أعداء الأمس هم أعداء اليوم... وأعداء الغد كذلك...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أجمل التهانى القلبية للعروسين محمد وحبيبة

يعلن ائتلاف القيادة الوطنية للشباب عن تخرج الدفعة الثالثة من الصالون الثقافي

افتتاح مكتب بولاق الدكرور لفض المنازعات نقابة مستشاري التحكيم الدولي