ذوو الهمم في مصر مسيرة من التمكين في عهد الرئيس السيسي

 

كتبت منى منصور السيد

القاهرة 30 يوليو 2025

كباحث في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، يمكنني القول إن ملف ذوي الهمم في مصر شهد نقلة نوعية وتطورًا ملحوظًا خلال فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. لم يعد التعامل مع هذه الفئة مقتصرًا على الرعاية الاجتماعية فحسب، بل تحول إلى نهج شامل يهدف إلى دمجهم وتمكينهم في مختلف جوانب الحياة، مع الاعتراف الكامل بحقوقهم كشريك أساسي في بناء المجتمع.

لقد أولت القيادة السياسية اهتمامًا كبيرًا بإنشاء إطار تشريعي ومؤسسي يدعم حقوق ذوي الهمم. من أبرز هذه الإنجازات القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يُعد علامة فارقة في تاريخ مصر، حيث يمثل مظلة تشريعية شاملة تضمن حقوق ذوي الإعاقة في مجالات متعددة مثل التعليم والصحة والعمل والإتاحة والمشاركة السياسية والعدالة. لقد كفل القانون العديد من المزايا والحوافز التي تهدف إلى تسهيل حياتهم وتمكينهم. كذلك تم إعادة تفعيل المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة ليلعب دورًا محوريًا في رسم السياسات وتنسيق الجهود بين الجهات المختلفة المعنية بذوي الإعاقة، ومتابعة تنفيذ القوانين والتشريعات ذات الصلة. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء صندوق "قادرون باختلاف" الذي يهدف إلى دعم وتمويل البرامج والمشروعات الهادفة إلى تمكين ذوي الهمم وتوفير حياة كريمة لهم، مما يعكس التزام الدولة بتقديم الدعم المالي اللازم لتحقيق هذه الأهداف.

لم يقتصر الاهتمام على الجانب التشريعي، بل امتد إلى إطلاق العديد من المبادرات والبرامج التي تعكس التزام القيادة السياسية بقضايا ذوي الهمم. فكان إعلان عام 2018 عامًا لذوي الاحتياجات الخاصة بمثابة نقطة تحول، حيث سلطت الضوء على قضايا ذوي الهمم ودفعت بالعديد من الجهات لتفعيل دورها تجاه هذه الفئة. وأصبحت احتفاليات "قادرون باختلاف" السنوية منصة مهمة لتسليط الضوء على إنجازات وقدرات ذوي الهمم، وتعزيز الوعي المجتمعي تجاههم، كما أنها فرصة للقاء الرئيس بهم والاستماع إلى مطالبهم. وتم إطلاق العديد من برامج التأهيل والتدريب المهني لذوي الهمم بهدف إعدادهم لسوق العمل وتوفير فرص عمل لائقة لهم، بالتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني. وشهدت الفترة الماضية جهودًا متزايدة لتحقيق الإتاحة الشاملة في المرافق العامة ووسائل النقل، وتيسير حصول ذوي الهمم على الخدمات المختلفة، وإن كان لا يزال هناك الكثير ليتحقق في هذا الصدد. كما تم اتخاذ خطوات لدمج الطلاب ذوي الإعاقة في التعليم العام وتوفير الدعم اللازم لهم، إلى جانب تطوير المناهج والبرامج التعليمية الخاصة.

على الرغم من الإنجازات المحققة، لا يزال هناك عدد من التحديات التي تتطلب المزيد من الجهد والمتابعة. فلا تزال هناك حاجة لمزيد من الجهود لتغيير النظرة المجتمعية تجاه ذوي الهمم، وتعزيز فهم المجتمع لقدراتهم وإمكانياتهم. ويتطلب القانون رقم 10 لسنة 2018 تفعيلًا كاملًا من قبل جميع الجهات المعنية، وضمان عدم وجود ثغرات في التطبيق العملي. ولا تزال هناك تحديات كبيرة في تحقيق الإتاحة الكاملة في جميع الأماكن العامة ووسائل النقل والمباني، وتحتاج إلى استثمارات كبيرة وجهود متواصلة. وعلى الرغم من جهود توفير فرص العمل، لا يزال هناك حاجة لزيادة هذه الفرص وضمان جودتها وتوفير بيئة عمل داعمة وشاملة. ولا بد من وجود قاعدة بيانات موثوقة وشاملة حول أعداد ونوع الإعاقات واحتياجات ذوي الهمم لتوجيه الجهود بشكل فعال. ويجب العمل على تحقيق التكامل بين الخدمات المقدمة لذوي الهمم في مجالات الصحة والتعليم والتأهيل والتوظيف لضمان حصولهم على حزمة متكاملة من الدعم.

يمكن القول إن ملف ذوي الهمم في مصر قد شهد دفعة قوية واهتمامًا غير مسبوق في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. لقد تم وضع حجر الأساس لنهج شامل يركز على الحقوق والتمكين، ولكن الطريق لا يزال طويلًا ويتطلب تضافر جهود جميع الأطراف من حكومة ومجتمع مدني وقطاع خاص وأفراد لضمان أن يحصل كل فرد من ذوي الهمم على الفرص التي يستحقها ليعيش حياة كريمة ومفعمة بالكرامة والمشاركة الفعالة في المجتمع...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أجمل التهانى القلبية للعروسين محمد وحبيبة

يعلن ائتلاف القيادة الوطنية للشباب عن تخرج الدفعة الثالثة من الصالون الثقافي

افتتاح مكتب بولاق الدكرور لفض المنازعات نقابة مستشاري التحكيم الدولي