من فناء مدرسة أمين الخولي إلى منصة التكريم.. حكاية أربعة عقود من الوفاء للتفوق
كتب أشرف ماهر ضلع
الزمان كان الخامس من أغسطس عام 1987، والمكان مدرسة أمين الخولي الثانوية بأشمون، والتوقيت ظهراً في صيفٍ حارق، لكن القلوب كانت أكثر حرارة من شمس اليوم. خمس ساعات من الانتظار المتوتر لنتيجة الثانوية العامة في عامٍ وصفه الجميع بأنه الأصعب منذ عقدين، عندما تولّى الدكتور أحمد فتحي سرور وزارة التربية والتعليم، وكانت النتيجة تصل في مظروف مختوم، لا شاشات ولا هواتف ذكية ولا مواقع إلكترونية.
في فناء المدرسة، اجتمع الطلاب على أمل أن يُنادَى اسمهم عبر مكبر الصوت. لم يكن يُعلن إلا الناجحون، وكانت لجنة "1 علمي علوم" التي ينتمي إليها الطالب حسن أبو القمصان فراج الخولي تضم عشرين طالباً، لكن لم يُنَدَ إلا على أربعة أسماء قبله. وحين جاء الدور ونُطق اسمه، ارتفعت نبضات الفرح، فقد نال مجموع 365 درجة بنسبة 91.5%، متصدراً مدرسته ومركز أشمون. كانت لحظة انطلاق، جرى بعدها مع ابن عمه رجب الخولي ليزف الخبر إلى الأسرة في قرية سبك الأحد، فاستقبلته البيوت بالأفراح والمشروبات الباردة النادرة آنذاك.
من هذه اللحظة، حمل حسن الخولي في قلبه عهداً بتكريم المتفوقين، عهدٌ ظل ينفّذه خمسة عشر عاماً متواصلة، رغم أنه لم يُكرَّم في أي مرحلة من حياته الدراسية على مستوى المركز إلا اليوم، وبعد 38 عاماً من تفوقه ذاك.
وجاء يوم الوفاء، حيث اعتلى منصة حفل تكريم أوائل الشهادات العامة والدبلومات الفنية والتربية الخاصة، بدعوة كريمة من الأستاذ الدكتور محمد زيدان، عميد كلية التربية النوعية بأشمون، وبرعاية وحضور المحاسب طارق أبو حطب، رئيس مركز ومدينة أشمون، والأستاذ مروان منصور، مدير عام الإدارة التعليمية، والأستاذ هاني أمين، وكيل الإدارة، وقيادات التعليم والشخصيات العامة.
تم تكريم 75 طالباً وطالبة في أجواء من الفرح والفخر، تحت مظلة جامعة المنوفية العريقة، وبحضور قيادات الكلية ووكلائها، في مشهد جمع بين رمزية العلم وأصالة الوفاء.
لقد كانت لحظة تكريم حسن الخولي اليوم أكثر من مجرد احتفاء بشخص، بل كانت تكريماً لقصة بدأت في فناء مدرسة قبل عقود، واستمرت لتثمر أجيالاً من الأطباء والمهندسين والقضاة والمبدعين، وما زالت تكتب فصولها القادمة.
تحيا مصر، ويحيا العلم الذي لا يشيخ ولا ينطفئ.
تعليقات
إرسال تعليق